وقال جماعة من حُذَّاق العلماء: إنما يقال: استولى فلان على كذا؛ إذا كان بعيداً عنه غير متمكن منه، [ثم تمكن] (١) منه، والله تعالى لم يزل مستولياً على الأشياء (٢).
قال الأستاذ أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله (٣) : قال أهل الحق من المتكلمين: أحدث الله فعلاً سمّاه: استواء، وهو كالإتيان والمجيء والنزول، كلها من صفات أفعاله.
سأل رجل الأوزاعي عن قوله: ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ [طه: ٥] فقال: هو على العرش كما وصف نفسه، وإني لأراك رجلاً ضالاً.
قال الثعلبي (٤) : وبلغني أن رجلاً سأل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي فقال: كيف استوى على العرش؟ أقائم هو أم قاعد؟ فقال: يا هذا إنما يقعد من يملّ القيام، ويقوم من يملّ القعود، وغير هذا أولى بك أن تسأل عنه.
قال الشريف القاضي أبو علي بن أبي موسى الهاشمي -من علمائنا- رضي الله عنه: اختلف أصحابنا هل الاستواء من صفات الذات أو من صفات الفعل؟ على طريقين:
منهم: من قال إنه من صفات الفعل، غير أنه لا يعلم كيفيته، ولا نقول أنه انتقال من مكان إلى مكان، ولكنا نسلمه ونقول فيه كما نقول في حديث النزول.
ومنهم من قال: إنه من صفات الذات، لم يزل مستوياً قبل خلق العرش من
(٢) انظر: زاد المسير (٣/٢١٣).
(٣) الثعلبي (٤/٢٣٩).
(٤) الثعلبي، الموضع السابق.
(١/١٥١)