وقال أبو مجلز: هو أن يسأل ما لا يستحقه من منازل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (١).
وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه سمع ابناً له يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحواً من ذلك، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال: لقد سألت الله خيراً كثيراً، وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء وقرأ هذه الآية: ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ﴾ وإن بحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل" (٢).
قوله تعالى: ﴿ ولا تفسدوا في الأرض ﴾ يعني: بالكفر والمعاصي وسفك الدماء، ﴿ بعد إصلاحها ﴾ يعني: بعد إصلاح الله إياها بإرسال الأنبياء وبيان الشرائع. هذا قول جمهور المفسرين.
وقال عطية: لا تعصوا في الأرض، فيمسك الله المطر، ويهلك الحرث بمعاصيكم (٣).
(٢) أخرجه أحمد (١/١٧٢ ح١٤٨٣).
(٣) الوسيط (٢/٣٧٧)، وزاد المسير (٣/٢١٥).
... قال أبو حيان في البحر المحيط (٤/٣١٣): هذا نهي عن إيقاع الفساد في الأرض، وإدخال ماهيّته في الوجود، فيتعلق بجميع أنواعه من إفساد النفوس والأنساب والأموال والعقول والديان. وقال: وما رُوي عن المفسرين من تعيين نوع الإفساد والإصلاح، ينبغي أن يحمل ذلك على التمثيل، إذ ادّعاء تخصيص شيء من ذلك لا دليل عليه.
(١/١٥٦)