وحجة من قرأ ذلك كله بالسين: أنه الأصل؛ لأن ما كانت الصاد فيه أصلية لا ترد إلى السين، إذ لا ينقل الحرف إلى أضعف منه، والصاد أقوى من السين بكثير؛ لاستعلائها وإطباقها. وحجة من قرأ بالصاد أقوى مما بين الحرفين من الاتفاق في معنى الاستعلاء والإطباق، فيعمل اللسان عملاً واحداً متصعداً منطبقاً بالحرفين معاً، وأكثر القراء يختارون ما عليه خط المصحف، وهو الصاد.
والبَسْطة: الفضيلة في الجسم وامتداد القامة (١).
قال ابن عباس: كان أطولهم مائة ذراع، وأقصرهم ستون ذراعاً (٢).
قال وهب: كان رأس أحدهم مثل القبة (٣).
ولقد رأيت مصداق ذلك وشاهدت صحته حين أرسل الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين رئيس الأصحاب محيي الدين أبا محمد يوسف بن أبي الفرج عبدالرحمن ابن الجوزي إلى صاحب مصر، فرجع في بعض سفراته ومعه ضرس جبار من الجبارة الأول قد استخرج من بعض مدافنهم، وزنه أربعة عشر رطلاً، وقد انكسرت منه فلقة، هذا مع ما نقصه تطاول الأزمان ومرّ السنين والأحقاب عليه.
قوله تعالى: ﴿ فاذكروا آلاء الله ﴾ يعني: نعمه الجسام من الاستخلاف وبسط الأجسام. وواحد الآلاء: إِلاَ وأَلاَ، بفتح الهمزة وكسرها، مثل: مِعا وقَفا.
﴿ قالوا أجئتنا ﴾ استفهام في معنى الإنكار والاستبعاد لما أمرهم به من التوحيد
(٢)... ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٣٨٢)، وزاد المسير (٣/٢٢٢).
(٣)... ذكره السيوطي في الدر (٣/٤٨٥) وعزاه لابن عساكر.
(١/١٧٠)