والقار لا يَبْيضّ، والغراب لا يشيب. قالوا: فكذلك تأويل الآية.
قال الزجاج (١) : وهذا خطأ؛ لمخالفته أقل من ألف موضع في القرآن لا يحتمل تأويلين؛ أنه لا يكون شيء ولا يحدث شيء إلا بمشيئة الله تعالى وعن علمه، وسُنَّة الرسل تشهد بذلك، ولكن الله تعالى غيب عن الخلق علمه فيهم، ومشيئته من أعمالهم، فأمرهم ونهاهم؛ لأن الحجة إنما ثبتت من جهة الأمر والنهي، وكل ذلك جَارٍ على ما سبق من العلم وجَرَتْ به المشيئة. هذا كله مختصر من كلام الزجاج، وهو اعتقادنا، وبه ندين الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿ وسع ربنا كل شيء علماً ﴾ أي: علم ما كان ويكون. و"عِلْماً" منصوب على التمييز (٢).
﴿ على الله توكلنا ﴾ في الثبات على الإيمان وحصول الأمان مما تتوعدوننا به من الإخراج، ﴿ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ﴾.
قال ابن عباس: كنت لا أدري ما معنى: "افتح بيننا وبين قومنا بالحق" حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك، تريد: أقاضيك (٣).
قال الفراء والزجاج (٤) وغيرهما (٥) : أهل عُمَان يُسمّون القاضي: الفاتح
(٢)... انظر: التبيان للعكبري (١/٢٥٠)، والدر المصون (٣/٣٠٤).
(٣)... أخرجه الطبري (٩/٢)، وابن أبي حاتم (٥/١٥٢٣)، وابن أبي شيبة (٥/٢٨٠ ح٢٦٠٧٦، ٦/١٢٢ ح٢٩٩٨٤). وذكره السيوطي في الدر (٣/٥٠٣) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الوقف والابتداء والبيهقي في الأسماء والصفات.
(٤)... معاني الفراء (١/٣٨٥)، ومعاني الزجاج (٢/٣٥٧).
(٥)... وهي لغة حمير. وقيل: مراد.
(١/٢٠٠)