ثم وصف المؤمنين الكاملي الإيمان فقال: ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾ أي: ذكرت عظمته وقدرته وعز سلطانه وشدة عقابه وبطشه بالعصاة من خلقه قرعت قلوبهم.
فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله: ﴿ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله﴾ [الزمر: ٢٣] ؟
قلتُ: الذِّكر الذي نيط به الوجل هاهنا: هو ذكر الصفات الدالة على العظمة والجبروت على ما ذكرناه. والذِّكر الذي نيط به لين الجلود والقلوب: الرحمة والرأفة والعفو، ونحو ذلك.

فصل يتضمن الإشارة إلى ذكر جماعة من الخائفين


أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد بإسناده عن الحسن البصري رحمه الله قال: صحبتُ أقواماً كانوا بحسناتهم أن تُردَّ عليهم أخوفَ منكم من سيئاتكم أن تعذبوا عليها (١).
وبإسناده عن إبراهيم التيمي: أنه كان يذكر في منزل أبي وائل، فكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطير (٢).
وبإسناده عن مالك بن دينار أنه قال: لو استطعتُ أن لا أنام لم أنم، مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم، ولو وجدتُ أعواناً لفرَّقتهم يُنادون في منار الدنيا كلِّها: يا أيها الناس! النار النار (٣).
(١)... أخرجه أحمد في الزهد (ص: ٣١٨-٣١٩).
(٢)... أخرجه أحمد في الزهد (ص: ٤٢٧).
(٣)... أخرجه أحمد في الزهد (ص: ٣٨٧).
(١/٣٦٠)


الصفحة التالية
Icon