في الصلاة- مرّ ولم يقف ولم يخوف، وإذا علم أنه ليس خلفه تنوّق (١) في القرآن وحزّن وخوّف، فظن يوماً أنه ليس خلفه، فأتى على ذكر هذه الآية: ﴿ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين﴾ [المؤمنون: ١٠٦]، فخرّ عليٌّ مغشياً [عليه] (٢)، فلما علم أنه خلفه وأنه قد سقط تَجَوَّزَ في القراءة، فذهبوا إلى أمه، فقالوا: أدركيه، فجاءت فرشّت عليه ماء فأفاق، فقالت لفضيل: أنت قاتلُ هذا الغلام عليّ، فمكث ما شاء الله، فظن أنه ليس خلفه فقرأ: ﴿وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون﴾ [الزمر: ٤٧]، فخرّّ ميتاً، وتَجَوَّزَ [أبوه] (٣) في القراءة، وأتيت أمه فقيل لها: أدركيه، فجاءت فرشَّت عليه ماء فإذا هو ميت، رحمه الله (٤).
وقال أبو طارق: شهدتُ ثلاثين رجلاً ماتوا في مجالس الذِّكر يمشون بأرجلهم صحاحاً إلى المجلس وأجوافهم والله قرحة، فإذا سمعوا الموعظة انصدعت قلوبهم، فماتوا (٥).
وقال إبراهيم بن عيسى: ما رأينا أطول حزناً من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة (٦).

(١)... تَنَوَّق: من التنوّق في الشيء إذا عُمل على استحسان وإعجاب به، يقال: تنوَّقَ وتأنَّق (اللسان، مادة: توق).
(٢)... زيادة من التوابين (ص: ٢٠٩).
(٣)... في الأصل: أبو. والتصويب من التوابين، الموضع السابق.
(٤)... أخرجه ابن قدامة في التوابين (ص: ٢٠٩).
(٥)... أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١/٥٣٢).
(٦)... أخرجه أحمد في الزهد (ص: ٣١٦)، وأبو نعيم في الحلية (٢/١٣٣).
(١/٣٦٢)


الصفحة التالية
Icon