وقيل: هو مصدر مؤكد للجملة التي هي ﴿أولئك هم المؤمنون حقاً﴾، كقولك: هو عبد الله حقاً، أي: حق ذلك حقاً.
قال ابن عباس: نقول: برئوا من الكفر (١).
وقال مقاتل (٢) : أولئك هم المؤمنون لا شكَّ في إيمانهم كَشَكِّ المنافقين.
فصل
قال الزمخشري (٣) : كان أبو حنيفة ممن لا يستثني في الإيمان.
قلت: والذي عليه جمهور السلف شرعية الاستثناء في الإيمان، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، لا على معنى الشك في إيمانه واعتقاده من حيث علمه بنفسه، فإنه فيه على يقين وبصيرة، بل على معنى الخوف من سوء العاقبة وخفاء علم الله فيه عليه. فإنَّ أمر السعادة والشقاوة ينبني على ما يعلم الله من عبده، لا على ما يعلمه العبد من نفسه، والاستثناء يكون في المستقبل وفيما خفي عليه أمره، لا فيما مضى وظهر، فإنه لا يسوغ في اللغة لمن يتيقن أنه أكل وشرب، أكلت إن شاء الله، وشربت إن شاء الله. ويصح أن يقول: آكلُ إن شاء الله، وأشربُ إن شاء الله. ولو قال: أنا مؤمن، من غير استثناء، يريد أنه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله فجائز. ولو أراد أنه مؤمن عند الله لم يجز.
(١)... أخرجه الطبري (٩/١٨٠)، وابن أبي حاتم (٥/١٦٥٧). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/١٣) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٢)... تفسير مقاتل (٢/٤).
(٣)... الكشاف (٢/١٨٦).
(١/٣٦٤)
(٢)... تفسير مقاتل (٢/٤).
(٣)... الكشاف (٢/١٨٦).
(١/٣٦٤)