حتى تنبّأت نساؤكم، والله لنعدنّ ثلاثاً، ثم لنكتبنّ عليكم كتاباً أنكم أكذب العرب.
قال العباس: فلما أمسيتُ لم يبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أقبلت تلومني وتقول: ما يرضى هذا الخبيث أن يقع في رجالكم حتى وقع في نسائكم، وليس عندكم كبير غيرة، فقلت لهن: والله لا تعرضن له، ولئن عاد لأكفينكُنّه، فخرجتُ في اليوم الثالث فدخلت المسجد، فلما رآني أقبل خارجاً يشتد فقلتُ: ما له لعنه الله، وإذا بالخبيث قد سمع ما لم أسمع، سمع ضمضم بن عمرو الغفاري قد جدع بعيره، وَحَوَّلَ رداءه يصرخ ويقول: يا معشر قريش! اللطمة اللطمة، قد عرض لها محمد وأصحابه وما أراكم تدركونها، العرب العرب، فجمعوا وحشدوا ولم يتخلفْ أحد من عظمائهم إلا لعذر فيستنيب من يقومُ مقامه، وكانت وقعةُ بدر (١). فقالت عاتكة (٢) :
ألم تكن رؤياي حقاً ويأتكم... بتأولها فل من القوم هرأى فأتاكم باليقين الذي رأى... بعينيه ما يفري السيوفَ القواضب
فقلتم ولم أكذب كذبت وإنما... يُكذبني بالصدق من هو كاذب
وما جاء إلا رهبة الموت هارباً... حكيم وقد أعيت عليه المذاهب
إلى أن قالت:
(٢)... انظر الأبيات في: مجمع الزوائد (٦/٧٢)، والمعجم الكبير للطبراني (٢٤/٣٤٨).
(١/٣٦٩)