عبارات ودلالات على الكلام القديم القائم بالذات، فحصل في قلبي شيء من ذلك، حتى صرت أقول بقولهم موافقة، وكنت إذا صليت أدعو الله عز وجل أن يوفقني لأحب المذاهب والاعتقادات إليه، وبقيت على ذلك مدة طويلة [أقول: اللهم وفقني لأحب المذاهب إليك وأقربها عندك] (١). فلما كان في أول ليلة من رجب سنة أربع وتسعين وأربعمائة، رأيت في المنام كأني قد جئت إلى مسجد الشيخ أبي منصور الخياط (٢) المقرئ في مسجد ابن جردة، والناس على باب المسجد مجتمعون وهم يقولون: النبي - ﷺ - عند الشيخ أبي منصور، فدخلت المسجد وقصدت الزاوية التي كان يجلس فيها الشيخ أبو منصور، فرأيت الشيخ أبا منصور قد خرج من زاويته وجلس بين يدي شخص، فما رأيت شخصاً أحسن منه، على نعت النبي - ﷺ - الذي وصف لنا، وعليه ثياب ما رأيت أشد بياضاً منها، وعلى رأسه عمامة بيضاء، والشيخ أبو منصور مقبل عليه بوجهه، فدخلت فسلمت [فرد عليّ السلام، ولم أتحقق من الرادّ عليّ لدهشتي برؤية النبي - ﷺ -] (٣)، وجلست بين أيديهما،
(٢) محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق الشيرازي الأصل المقرئ، المعروف بأبي منصور الخياط. كان يؤم بمسجد ابن جردة ببغداد، اعتكف فيه مدة يعلم العميان القرآن، وختم خلقاً كثيراً، حتى بلغ عدد من أقرأهم القرآن سبعين ألفاً. كان من كبار الصالحين الزاهدين المتعبدين، شيخاً صالحاً زاهداً، صائماً أكثر وقته، ولد سنة إحدى وأربعمائة، وتوفي يوم الأربعاء وقت الظهر السادس عشر من المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة (المقصد الأرشد ٢/٣٤٤-٣٤٥، والتقييد ص: ٥٤).
(٣) زيادة من التوابين (ص: ٢٣٢).
(١/٤٠٩)