بعذاب آخر. ومراده نفي كونه حقاً، وإذا انتفى كونه حقاً [لم يستوجب منكره عذاباً، فكان تعليق العذاب بكونه حقاً] (١) مع اعتقاد أنه ليس بحق، كتعليقه بالمحال في قولك: إن كان الباطل حقاً فأمطر علينا حجارة.
وقوله: ﴿الحق﴾ تهكم بمن يقول على سبيل التخصيص والتعيين: هذا هو الحق.
وقرأ الأعمش: "هو الحقُّ" بالرفع (٢)، على أن "هو" مبتدأ غير منفصل، وهي في القراءة الأولى فصل (٣).
يقال: [أمطرت] (٤) السماء؛ كقولك: أسبلت، وأنجمت. ومطرت؛ كقولك: هتنت وهتلت، وقد كثر الإمطار بمعنى العذاب.
ومن الأجوبة السَّادَّة المسكتة ما يروى: أن معاوية قال لرجل من سبأ: ما كان أجهل قومك حيث قالوا: ﴿ربنا باعد بين أسفارنا﴾ [سبأ: ١٩]، وحيث ملكوا أمرهم امرأة (٥)، فقال: أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم النبي - ﷺ -: ﴿اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء... الآية﴾ ألا قالوا: إن كان هذا هو الحق من عندك فاهْدِنا له (٦).

(١) زيادة من الكشاف (٢/٢٠٥).
(٢) انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (٤/٤٨٢)، والدر المصون (٣/٤١٤).
(٣) انظر: التبيان (٢/٦)، والدر المصون (٣/٤١٤).
(٤) في الأصل: أطرت.
(٥) وهي بلقيس.
(٦) ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٤٥٦).
(١/٤٢٢)


الصفحة التالية
Icon