الذين يتقون الشرك والفواحش، ﴿ولكن أكثرهم﴾ يعني: أهل مكة ﴿لا يعلمون﴾ ذلك.
ثم أخبر سبحانه وتعالى عنهم بما يوجب نزع الولاية منهم فقال: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية﴾ يقال: مَكا يَمْكُو مَكْواً ومُكاء. ومكاء -بالمد والقصر-: إذا جمع يديه وصَفَّرَ فيهما (١)، والتصدية: التصفيق، وهو ضرب اليد على اليد (٢).
قال ابن عمر: كانوا يطوفون بالبيت ويُصَفِّقُونَ ويُصَفِّرُونُ، ويضعون خدودهم بالأرض، فنزلت هذه الآية (٣).
وقال مقاتل (٤) : كان النبي - ﷺ - إذا صلى في المسجد الحرام، قام رَجُلان من بني عبد الدار عن يمينه يُصَفِّران، ورَجُلان عن شماله يُصَفِّقان، [ليخلطا] (٥) على النبي - ﷺ - صلاته وقراءته، فقتلهم الله ببدر. فذلك قوله: ﴿فذقوا العذاب بما كنتم تكفرون﴾.
فإن قيل: فما موقع قوله: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية﴾ ؟
قلت: موقع قول الفرزدق:
(٢) انظر: اللسان (مادة: صدي).
(٣)... أخرجه الطبري (٩/٢٤١)، وابن أبي حاتم (٥/١٦٩٦). وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٢٤٠). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٦١) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير.
(٤) تفسير مقاتل (٢/١٦).
(٥) في الأصل: فتختط. والتصويب من تفسير مقاتل، الموضع السابق.
(١/٤٢٥)