وهذا تغفيل من الزمخشري عن اللطيفة المودعة في تصدير هذه الآية بذكر العفو، وعبارة جافية لا يليق إطلاقها على آحاد ذوي الأقدار، فكيف بسيد ولد آدم؟ الذي جعل الله تعالى تعظيمه فرضاً، فقال: ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً﴾ [النور: ٦٣].
ولقد أجاد محمد بن الحنفية في قوله: البلاغة قول مفقه في لطف.
وأَحْسَنَ الحسن بن سهل في قوله: البلاغة ما فهمه العامة، ورضيته الخاصة. والعبارة المنكرة هاهنا لا يرضاها والله الخاصة ولا العامة.
وقال بعضهم: البلاغة: وضوح الدلالة وحسن الإشارة.
وقال أعرابي: البلاغة: حسن الاستعارة.
ولستُ أجهل أن لهذا الرجل المشار إليه (١) بالرد عليه أقواماً ترعد أنفسهم غضباً وحمية له، ﴿والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين﴾.
ولله درّ حسان حيث يقول:
فإن أبي ووالده وعرضي...... لعرض محمد منكم وقاء (٢)
قوله تعالى: ﴿حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم [الكاذبين] (٣) ﴾ أي: حتى يظهر لك الذين صدقوا في اعتذارهم من الذين كذبوا فيه.
(٢)... انظر البيت في: لسان العرب، مادة: (عرض)، وسير أعلام النبلاء (٢/٥١٥)، وسيرة ابن هشام (٥/٨٧)، والاستيعاب (٤/١٨٨٥)، والطبري (١٨/٨٨).
(٣)... زيادة على الأصل.
(١/٥٠٨)