قلت: هو الله الذي خذلهم وسلبهم التوفيق، أو الرسول حين أذن لهم في التَّخَلُّفِ أو الفشل والكسل، والشيطان بوسوسته وتزيينه.
قوله: "بمقعدهم" مصدر كالقعود، "خلاف رسول الله" أي: خلفه.
وفي قراءة ابن مسعود: "خَلْفَ رسول الله" (١)، ومثله: "ثم لا يلبثون خَلْفَكَ" و"خِلاَفَكَ"، والمعنى واحد. قال الشاعر:
فَقُلْ لِلَّذي يَبْغِي خِلافَ الَّذِي مَضَى...... تَهَيَّأْ لأُخْرَى مِثْلَها فَكَأَنْ قَدِ (٢)
وقيل: هو بمعنى المخالفة، فانتصابه على هذا على الحال، أو هو مفعول له (٣). أي: فرحوا بمقعدهم مخالفين أو للمخالفة.
﴿وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله﴾ لأنهم لا يرجون بالجهاد ثواباً، ولا يخافون بتركه عقاباً، ﴿وقالوا لا تنفروا في الحر﴾ أي: قال بعضهم لبعض. ويجوز أن يكونوا قالوا ذلك للنبي - ﷺ - وللمؤمنين على معنى إظهار الشفقة والإرشاد إلى المصلحة.
﴿قل﴾ لهم يا محمد: ﴿نار جهنم أشد حراً﴾ من حر الدنيا.

(١)... انظر: زاد المسير (٣/٤٧٨).
(٢)... البيت منسوب للشافعي، انظر: معجم الشعراء للمرزباني (ص: ٦)، واللسان، مادة: (خلف)، والمحرر الوجيز (٣/٥٥٤)، وحلية الأولياء (٩/١٥٠)، وسير أعلام النبلاء (١٠/٧٢)، والكامل (٢/٤٦٠)، وتهذيب الكمال (٣/٢٩٨)، والبحر المحيط (٥/٨٠)، والدر المصون (٣/٤٨٧)، وروح المعاني (١٧/٤٤).
(٣)... انظر: التبيان (٢/١٩)، والدر المصون (٣/٤٨٧).
(١/٥٦٢)


الصفحة التالية
Icon