قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وجمهور المفسرين: الحرج هاهنا: الشك (١).
وقال الحسن والزجاج (٢) : الحرج: الضيق (٣). وهذا هو الأصل، واستعماله بمعنى الشك لما يُخامر الشاكّ من الضيق والحرج.
والضمير في "منه" يعود إلى الكتاب. فعلى القول الأول معناه: فلا يكن عندك شك أن الكتاب منزل من عند الله، ويكون هذا مثل قوله: ﴿ فلا تكونن من الممترين * ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين ﴾ [يونس: ٩٤-٩٥]، النهي للنبي - ﷺ - في ظاهر الأمر، والمراد غيره، وقد أشرنا إلى حكمة ذلك في سورة البقرة.
وعلى القول الثاني معناه: لا يكن عندك ضيق وحرج من إبلاغ ما أُرسلتَ به، فإنه كان يخاف أذى قومه وإعراضهم عنه وتكذيبهم له.
وفي الحديث: أن النبي - ﷺ - قال: "أي رب! إني أخاف أن يثلغوا (٤) رأسي فيجعلوه كالخبزة" (٥).
قوله تعالى: ﴿ لتنذر به ﴾ إما أن يتعلق بـ"أُنزِلَ"، فيكون معناه: أنزل إليك لكي تنذر به. وإما أن يتعلق بالنهي، فيكون معناه: لا يكن في صدرك حرج منه لتتمكن
(٢)... معاني الزجاج (٢/٣١٥).
(٣)... الماوردي (٢/١٩٩). وذكره السيوطي في الدر (٣/٤١٣) وعزاه لأبي الشيخ عن الضحاك.
(٤)... الثَّلْغ: الشَّدْخ (لسان العرب، مادة: ثلغ).
(٥)... أخرجه مسلم (٤/٢١٩٧ ح٢٨٦٥).
(١/٧٢)