حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ
قوله تعالى: ﴿ولو شاء ربك﴾ أي: ولو شاء مشيئة قسر وقهر ﴿لآمن من في الأرض كلهم جميعاً﴾ أي: مجتمعين على الإيمان مطبقين عليه.
قال ابن عباس: كان رسول الله - ﷺ - حريصاً على إيمان جميع الناس، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبقت له السعادة (١).
قال الأخفش (٢) : جاء بقوله: "جميعاً" مع "كل" [تأكيداً] (٣) ؛ كقوله: ﴿لا تتخذوا إلهين اثنين﴾ [النحل: ٥١].
﴿أفأنت﴾ يا محمد ﴿تكره الناس﴾ تلجئهم إلى الإيمان وتضطرهم إليه ﴿حتى يكونوا مؤمنين﴾ أي: لا تقدر على ذلك ولا هو في وسعك.
وزعم قوم أن هذا منسوخ بآية السيف (٤).
ولا يصح؛ لأن المقصود من الآية: الإعلام بأنه لا يوقعُ في القلوب ما يضطرها إلى الإيمان إلا الله وحده، ألا تراه يقول عقيب ذلك: ﴿وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله﴾ قال ابن عباس: بقضائه وقدره (٥).
(٢)... معاني الأخفش (ص: ٢١٩). وانظر: زاد المسير (٤/٦٧).
(٣)... في الأصل: تأكيد. والتصويب من زاد المسير، الموضع السابق.
(٤)... ذكر دعوى النسخ هنا ابن سلامة في: الناسخ والمنسوخ (ص: ١٠٤). ورد هذا ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: ٣٧٣). ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا معظم من ألّف في النسخ.
(٥)... الوسيط (٢/٥٦٠)، وزاد المسير (٤/٦٧).
(١/١٠٧)