وهو في محل الحال، بمعنى: اصنعها محفوظاً آمناً من أعدائك.
﴿ووحينا﴾ أي: بوحينا إليك أن تصنعها وكيف تصنعها، ﴿ولا تخاطبني في الذين ظلموا﴾ أي: لا تسألني الصفح عنهم ولا إمهالهم، ﴿إنهم مغرقون﴾ محكوم عليهم بذلك في سابق علمي وقضائي.
الإشارة إلى كيفية عمل السفينة:
قال ابن عباس: كان نوح عليه السلام يُضربُ، ثم يُلَفُّ في لبد فيلقى في بيته يرون أنه قد مات، ثم يخرج فيدعوهم، حتى جاء رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا، فقال: يا بني، انظر هذا الشيخ لا يغررك. قال: يا أبت أمكني من العصا، فأخذها فضربه ضربة شجة موضحة، وسالت الدماء على وجهه فقال: رب [قد] (١) ترى ما يفعل بي عبادك، فإن (٢) يكن لك فيهم حاجة [فاهْدهم] (٣)، وإلا فصبرني إلى أن تحكم، فأوحى الله تعالى إليه ﴿أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن﴾ إلى قوله: ﴿واصنع الفُلْك﴾، قال: يا رب، وما الفُلْك؟ قال: بيت من خشب يجري على وجه الماء، أُنجي فيه أهل طاعتي، وأُغرق أهل معصيتي. قال: يا رب! وأين الماء؟ قال: إني على ما أشاء قدير. قال: يا رب! كيف أتخذ هذا البيت؟ فبعث الله تعالى إليه جبريل عليه السلام فعلّمه، وأوحى الله تعالى إليه أن عَجِّل عمل السفينة فقد اشتد غضبي على من عصاني، فاستأجر نجّارين يعملون معه، وسام وحام ويافث ينحتون السفينة، وكانت من خشب الساج، وجعل لها ثلاث بطون،

(١)... زيادة من زاد المسير (٤/١٠٢).
(٢)... في الأصل زيادة: لم. انظر: زاد المسير، الموضع السابق.
(٣)... زيادة من زاد المسير، الموضع السابق.
(١/١٥٣)


الصفحة التالية
Icon