لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
قوله تعالى: ﴿ويقولون لولا أنزل عليه آية﴾ خارقة كالعصا واليد والناقة، وهذا عناد وتمرّد وجُرأة، أوجبها الانهماك في الغي، والاغترار بتجاوز الله عنهم، وإلا وأي معجز أعظم سلطاناً وأنور برهاناً من القرآن المجيد.
﴿فقل إنما الغيب لله﴾ فهو المستأثر بعلم الحِكَم المودعة في منع إجابتكم إلى ما تقترحون من الآيات، ﴿فانتظروا﴾ نزول الآية وكل ما أنتم بصدد انتظاره لي ﴿إني معكم من المنتظرين﴾ ما يفعل بكم جزاءً على عتوكم وتمردكم واقتراحكم.
قوله تعالى: ﴿وإذا أذقنا الناس رحمة﴾ من عافية في أبدانهم وسعة في معايشهم وأرزاقهم ﴿من بعد ضراء مستهم﴾ وهي القحط والجدب، فإن أهل مكة قحطوا سبع سنين بدعاء رسول الله - ﷺ - عليهم حين قال: ((اللهم سلط عليهم سنين كسنيّ يوسف، فأكلوا العظام والجلود، حتى جاءه أبو سفيان فقال: يا محمد! ادعُ لنا بالخصب، فإن أخصبنا صدّقناك، فدعا لهم فَسُقوا ولم يؤمنوا)) (١).
﴿إذا لهم مكر في آياتنا﴾ أي: سعي في دفع القرآن والتكذيب به، ﴿قل الله أسرع مكراً﴾ أخفى كيداً وأقدر على مجازاتكم، ﴿إن رسلنا﴾ الحفظة الكرام ﴿يكتبون﴾ في صحائف أعمالكم ﴿ما تمكرون﴾.
وقُرئ على شيخنا أبي البقاء ليعقوب إلا من رواية أبي حاتم ورويس،

(١)... أخرجه البخاري (٤/١٨٢٣ ح٤٥٤٤)، ومسلم (٤/٢١٥٦ ح٢٧٩٨).
(١/٢٦)


الصفحة التالية
Icon