قلت: ليس المراد هاهنا اللعب المكروه الصادّ عن ذكر الله تعالى؛ لأنهم لو أرادوا ذلك لبادر - ﷺ - إلى إنكاره عليهم، وإنما أرادوا اللعب المباح من المسابقة على الأقدام والمناضلة بالسهام والمفاوضة فيما يشرع من ملح الكلام.
وقد روي [عن] (١) أبي عمرو ابن العلاء أنه قال في جواب هذا: لم يكونوا إذا ذاك أنبياء. وليس بشيء، لأن الإشكال في إقرار يعقوب لهم على ذلك، وهذا لا يدفعه، وقراءة يعقوب فيما رواه زيد عنه حسنة، على معنى: نرتع ماشيتنا ويلعب هو، وحَسُن إضافة اللعب إليه؛ لصغر سنه.
﴿وإنا له لحافظون﴾ مما تخافه عليه.
قال إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴿قال إني ليحزنني أن تذهبوا به﴾ شوقاً إليه وخوفاً عليه. ثم قال في جهة الاعتذار عن حبسه عنهم: ﴿وأخاف أن يأكله الذئب﴾ فلقنهم العلة، ونبههم على ما يصلح أن يعتذر به، كما قيل: "البلاء موكل بالمنطق" (٢).
قرأ وَرْش والكسائي: "الذيب" بغير همز، وهَمَزَه الباقون في المواضع الثلاثة

(١)... زيادة على الأصل.
(٢)... أخرجه القضاعي في مسنده (١/١٦١ ح٢٢٧) من حديث حذيفة، وأيضاً (١/١٦٢ ح٢٢٨) من حديث علي. وأخرجه البيهقي في الشعب (٤/٢٤٤ ح٤٩٤٨) بلفظ: ((البلاء موكل بالقول)) من حديث أنس بن مالك. وكذلك ابن أبي شيبة (٥/٢٣١ ح٢٥٥٤٧) كلفظ البيهقي من حديث ابن مسعود.
(١/٢٨٤)


الصفحة التالية
Icon