﴿وأجمعوا﴾ أي: عزموا على أن يجعلوه في غيابة الجُبّ.
قال أهل التفسير: خرجوا بيوسف فلما أصحروا به أظهروا له ما في أنفسهم من العداوة، فجعل يلجأ إلى هذا فيضربه وإلى هذا فيؤذيه، فلما فطن لما قد أجمعوا عليه جعل ينادي: يا أبتاه يا يعقوب، لو تعلم ما يُصنع بابنك وما قد نزل به من إخوته لأحزنك ذلك يا أبتاه، ما أعجل ما نسوا عهدك وضيعوا وصيتك، وجعل يبكي بكاءاً شديداً (١).
قال ابن عباس: فأخذه روبيل فجلد به الأرض، ثم جثم على صدره وأراد قتله، فقال له يوسف: مهلاً يا أخي لا تقتلني، فقال: يا ابن راحيل يا صاحب الأحلام، قل لرؤياك تخلصك من أيدينا، ولوى عنقه لكسرها، فنادى يوسف: يا يهوذا، اتق الله وخلّ بيني وبين من يريد قتلي. فقال يهوذا -وأدركته له رحمة-: يا إخوتي! ألا أدلكم على أمر هو خير لكم وأرفق به؟ [قالوا: وما ذاك؟ قال] (٢) : تلقونه في هذا الجب فتلتقطه بعض السيارة. قالوا: نفعل. فانطلقوا به إلى الجب، فلما أرادوا تدليته تعلق بثياب بعضهم، فنزعوها من يديه، فجعل يتشبث بحائط الجب، فربطوا يديه ونزعوا قميصه ليحتالوا به على يعقوب، فقال: يا إخوتاه، ردّوا عليّ قميصي أستتر به، فلم يفعلوا ودلّوه في الجب.
قال السدي: فلما بلغ نصفه ألقوه إرادة أن يموت، وكان في البئر ماء فسقط، ثم أوى إلى صخرة فيه فقام عليها وهو يبكي، فنادوه، فظنّ أنها رحمة أدركتهم،
(٢)... زيادة من زاد المسير (٤/١٨٩).
(١/٢٨٨)