﴿لئن أنجيتنا﴾ على إرادة القول، أو لأنّ "دعوا" من جملة القول.
والمعنى: لئن أنجيتنا من هذه الريح العاصف القاصف، ﴿لنكونن من الشاكرين﴾ لأَنْعُمِكَ بتوحيدك وطاعتك.
﴿فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض﴾ يترمون إلى الفساد، وقد سبق ذكر اشتقاقه.
قال ابن عباس: يبغون في الأرض بالدعاء إلى عبادة غير الله تعالى والعمل بالمعاصي والفساد (١).
ولما كان بعض البغي مشروعاً، كما فعل المسلمون ببني قريظة والنضير، قال: ﴿يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا﴾ أي: إنما بغي بعضكم على بعض وما تنالونه به، إنما تتمتعون به في الحياة الدنيا ويزول عنكم ويسلب منكم.
واختلف القراء في قوله: "متاع"؛ فقرأ حفص عن عاصم "متاعَ" بالنصب. وقرأ الباقون بالرفع (٢).
فمن رَفَعَ قال:"بغيكم" مبتدأ، "متاع" خبره. وقيل: خبره: "على أنفسكم"، على معنى: بغيكم عائد على أنفسكم راجع إليها، و "متاع" خبر بعد خبر، أو هو خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو متاع الحياة الدنيا.

(١)... زاد المسير (٤/٢٠). وانظر: الوسيط (٢/٥٤٣).
(٢)... الحجة للفارسي (٢/٣٥٩-٣٦٠)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٣٣٠)، والكشف (١/٥١٦)، والنشر (٢/٢٨٣)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٤٨)، والسبعة في القراءات (ص: ٣٢٥).
(١/٢٩)


الصفحة التالية
Icon