قال الزجاج (١) : معنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب ولا تعقل؛ إنما هو على تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة. إذا قلت: يا [عجباه] (٢)، فكأنك قلت: اعجبوا، [ويا] (٣) أيها العجبُ هذا من حِينِكَ. وكذلك إذا قال: يا بشرايَ، فكأنه قال: أبشروا، وكأنه قال: يا أيها البشرى هذا من إبَّانِكِ وزمانِكِ.
وذكر السدي: أنه نادى بذلك صاحبه، وكان اسمه: بُشْرى (٤).
وقال ابن الأنباري (٥) : يجوز أن يكون اسم امرأة.
والأول هو وجه الكلام. وقول السدي وابن الأنباري في غاية البُعد؛ لأن طريق ثبوته النقل، ولا سبيل لهما إليه.
قال ابن عباس وغيره: لما أدلى دَلْوه تَعَلَّقَ يوسف بالحَبْل، فأخرجه مالك (٦)، فلما نظر إليه رأى غلاماً أحسن ما يكون من الغلمان، فقال لأصحابه: البشرى؟ قالوا: ما [وراءك] (٧) ؟ قال: هذا غلام في البئر، فأقبلوا يسألونه الشركة فيه.
وقال بعضهم لبعض: اكتموه عن أصحابكم لئلا يسألونكم الشركة فيه. فإن قالوا: ما هذا؟ فقولوا: استبضعناه أهلَ الماء لنبيعه لهم بمصر، فجاء إخوة يوسف،

(١)... معاني الزجاج (٣/٩٧).
(٢)... في الأصل: عجباً. والتصويب من معاني الزجاج، الموضع السابق.
(٣)... في الأصل: يا. والتصويب من معاني الزجاج، الموضع السابق.
(٤)... أخرجه الطبري (١٢/١٦٧)، وابن أبي حاتم (٧/٢١١٣). وذكره السيوطي في الدر (٤/٥١٥) وعزاه لابن المنذر وأبي الشيخ.
(٥)... انظر: زاد المسير (٤/١٩٤).
(٦)... هو: مالك بن ذعر، وسيأتي ذكره في نهاية الأثر.
(٧)... في الأصل: رآك. والتصويب من زاد المسير (٤/١٩٤).
(١/٢٩٩)


الصفحة التالية
Icon