وقال الزجاج (١) : هذا في الظروف جائز، فأما المفعولات فلا.
قال الزمخشري (٢) : هو بيان، كأنه قيل: في أي شيء زهدوا؟ فقال: زهدوا فيه.
والضمير في "كانوا" يعود إلى الإخوة، في قول ابن عباس (٣)، وإلى مالك بن ذعر ورفقته، في قول غيره.
فإن أريد الأول؛ والضمير في "فيه" يعود إلى يوسف، في قول الضحاك (٤)، وإلى "الثمن" في قول غيره، على معنى: لم يكن قصدهم الثمن ولا كانوا راغبين فيه، إنما كان قصدهم بُعده عن أبيه؛ لما اشتملوا عليه من الحقد والحسد.
وإن أريد الثاني؛ فالعلة في زهدهم في يوسف: ما خامرهم من الريبة في أمره بسبب قلّة ثمنه وزهد بائعيه فيه.
وقيل: زهدوا فيه لما نُبِزَ (٥) به من الإبَاق (٦) والخيانة، وذاك أن إخوته قالوا للسيارة: استوثقوا منه، فإنه أبّاق سرّاق كذّاب، وقد برئنا إليكم من عيوبه، فحملوه على ناقة، وكان طريقهم على قبر أمه، فلما حاذاه أسقط نفسه على القبر

(١)... معاني الزجاج (٣/٩٨).
(٢)... الكشاف (٢/٤٢٧).
(٣)... أخرجه الطبري (١٢/١٧٤)، وابن أبي حاتم (٧/٢١١٧) كلاهما عن الضحاك. وذكره السيوطي في الدر (٤/٥١٧) وعزاه لابن المنذر وأبي الشيخ عن الضحاك.
(٤)... أخرجه الطبري (١٢/١٧٤)، وابن أبي حاتم (٧/٢١١٧). ومن طريق آخر أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي. وذكره السيوطي في الدر (٤/٥١٧) وعزاه لابن المنذر وأبي الشيخ.
(٥)... النَّبَزُ: بالتحريك: اللَّقَبُ (اللسان، مادة: نبز).
(٦)... الإباق: هَرَبُ العبيد وذهابهم من غير خوف ولا كدِّ عمل (اللسان، مادة: أبق).
(١/٣٠٣)


الصفحة التالية
Icon