أن رأى برهان ربه لهمّ بها، فقدم الجواب. وأنشدوا:
فلا يدعني قومي صريحاً لحرة... لئن كنت مقتولاً وتسلم عامر (١)
ورد هذا القول ابن الأنباري وغيره؛ لأن لولا في حكم الشرط، والشرط له صدر الكلام، وهو وما في حَيِّزه من الجملتين مثل كلمة واحدة، ولا يجوز تقديم بعض الكلمة على بعض، وما أنشدوه فمن ضرورة الشعر، فلا يحمل عليه كلام الله النازل بالفصاحة (٢).
قوله تعالى: ﴿لولا أن رأى برهان ربه﴾ فيه إضمار، تقديره: لفعل ما هَمَّ به.
قال ابن عباس وجمهور المفسرين: رأى جبريلَ في صورة يعقوب عاضّاً على أصبعه، يقول: أتعمل عمل الفجار وأنت مكتوب في الأنبياء، فاستحيا منه (٣).
وقال علي بن أبي طالب وعلي بن الحسين عليهما السلام: قامت إلى صنم لها في البيت فسترته بثوب، فقال لها يوسف: أي شيء تصنعين؟ قالت: أستحي من إلهي أن يراني على هذه السوأة. فقال: أتستحين من صنم لا يعقل ولا يسمع ولا أستحي من إلهي القائم على كل نفس بما كسبت، فهو البرهان الذي رأى (٤).
والذي عليه جمهور أهل المعاني والنظر الصحيح: أن البرهان الذي رآه زواجر العقل والدين والحجج المأخوذة على المكلفين من اجتناب المحارم. وقد نقلوا في
(٢)... زاد المسير (٤/٢٠٥-٢٠٦).
(٣) أخرج هذا القول: الطبري (١٢/١٨٩)، وابن أبي حاتم (٧/٢١٢٤) كلاهما عن قتادة. وذكره السيوطي في الدر (٤/٥٢٢) وعزاه لأبي الشيخ عن قتادة.
(٤)... أخرجه أبو نعيم في الحلية (٣/١٨١). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤/٢٠٨)، والسيوطي في الدر (٤/٥٢١) وعزاه لأبي نعيم في الحلية.
(١/٣١٣)