قوله تعالى: ﴿واستبقا الباب﴾ أي: تبادرا إليه، وهو على قصد الفرار بدينه، والخلاص من حبائل الفتنة التي نصبتها لهم، وهي على قصد [الحيلولة] (١) بينه وبين الباب لتمنعه من الخروج. والمراد: الباب الذي منه المخرج والمخلص من الدار.
وقد روي عن كعب أنه قال: لما هرب يوسف عليه السلام جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج من الأبواب (٢).
﴿وقدت قميصه من دبر﴾ فيه إضمار، تقديره: فأدركته فجذبت قميصه فَقَدَّتْهُ من خلفه، أي: قطعتْه.
قرأ ابن يعمر ونوح القارئ وأبو رجاء: "دُبُرُ" (٣)، بثلاث ضمات من غير تنوين (٤).
قال أبو الفتح ابن جني (٥) :[ينبغي] (٦) أن يكونا غايتين، كقول الله تعالى: ﴿لله الأمر من قبل ومن بعد﴾ [الروم: ٤]، كأنه يريد: قَدَّتْ قميصه من دُبُره، وإن كان قميصه قُدَّ من قُبُلِه، فلما حذف المضاف إليه -أعني الهاء وهي مرادة-صار المضاف غاية نفسه بعدما كان المضاف إليه غاية له، وهذا حديث مفهوم في قوله: ﴿من قبل ومن بعد﴾، فبُني هنا كما بُني هناك على الضم، ووَكَّد البناء أن "قبل" و "بعد"
(٢)... ذكره أبو السعود في تفسيره (٤/٢٦٧)، وأبو حيان في البحر (٥/٢٩٦).
(٣)... في الأصل زيادة: وقيل.
(٤)... البحر المحيط (٥/٢٩٧)، والدر المصون (٤/١٧١).
(٥)... المحتسب (١/٣٣٨).
(٦)... في الأصل: ينفي. والتصويب من المحتسب، الموضع السابق.
(١/٣١٦)