﴿تَبْلُوا﴾ أي: تختبر وتذوق ﴿كل نفس ما أسلفت﴾ في الدنيا من خير وشر.
وقرأ حمزة والكسائي: "تتلوا" بتائين (١)، بمعنى: تقرأ كتاب أعمالها، ودليله قوله تعالى: ﴿اقرأ كتابك﴾ [الإسراء: ١٤]، وقوله: ﴿مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها﴾ [الكهف: ٤٩]، وقوله: ﴿فأولئك يقرؤون كتابهم﴾ [الإسراء: ٧١].
وقيل: معنى "تَتْلُوا": تَتْبَع، فالمعنى: هنالك تتبع كل نفس صالحة أو طالحة ما قدمت من العمل؛ لأن العمل يهدي صاحبه إلى مستقره من الجنة والنار.
﴿ورُدُّوا إلى الله مولاهم الحق﴾ الثابت الربوبية الصادق فيها، ﴿وضل عنهم﴾ بطل وزال ﴿ما كانوا يفترون﴾ أي: يختلقون لله من الأنداد والأولاد.
ثم ألزمهم الحجة باضطرارهم إلا ما لا يجدون بداً من الإقرار به، فقال: ﴿قل من يرزقكم من السماء والأرض﴾ أي: من السماء المطر، ومن الأرض الحبوب والثمر، ﴿أم من يملك السمع والأبصار﴾ أي: من يقدر على خلقهما وتسويتهما على الهيئة القابلة لما هو المقصود منهما والمراد بهما، ومن يقدر على حمايتهما وحفظهما من الآفات المتكاثرة في الأزمان المتطاولة المتقاطرة، مع لطف مغانيهما وجواهرهما.
﴿ومن يدبر الأمر﴾ يريد: أمر الكون الكلي من الهيكل العلوي والمركز السفلي، ﴿فسيقولون الله﴾ قل لهم عند إقرارهم بذلك منكراً وموبخاً: ﴿أفلا تتقون﴾ الذي خلق ورزق وقدر ودبَّر فلا تشركوا به شيئاً.
﴿فذلكم الله﴾ الذي فعل هذه الأشياء ﴿ربكم الحق﴾ الثابت الربوبية لا

(١)... الحجة للفارسي (٢/٣٦٢)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٣٣١)، والكشف (١/٥١٧)، والنشر (٢/٢٨٣)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٤٨-٢٤٩)، والسبعة في القراءات (ص: ٣٢٥).
(١/٤٢)


الصفحة التالية
Icon