تعالى.
"إذاً" هاهنا نصب بفعل مضمر، دل عليه قوله: ﴿لفي خلق جديد﴾ على تقدير: أإذا كنا تراباً نبعث، وأضمر نبعث لأن قوله: "لفي خلق جديد" يدل عليه، ولا يجوز أن يعمل ما بعد "إن" فيما قبله، فلهذا لم يجز أن يعمل "جديد" في "إذاً"، ومن جمع بين الاستفهامين فللحرص على البيان وشدة العناية بالكلام، ومن اكتفى بأحد الاستفهامين فقرأ: "أإذا" "إنا"، أو قرأ: "إذا" "أئنا"، فإن فيما بقي دليلاً على النفي.
قوله تعالى: ﴿أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم﴾ ؛ لأنهم أنكروا البعث بعد بيانه ووضوح برهانه، والأغلال: جمع غُل، وهو طوق تقيد به اليد إلى العنق (١)، بدليل قوله: ﴿إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم﴾ [غافر: ٧١-٧٢].
قال الزجاج (٢) : وقيل: ﴿أولئك الأغلال في أعناقهم﴾، أي: الأغلال التي هي [الأعمال] (٣)، وهي مؤدية إلى كون الأغلال في أعناقهم يوم القيامة؛ لأن قولك للرجل: هذا غُلٌّ في عنقك للعمل السيء، معناه: أنه لازم لك وأنت مجازى عليه بالعذاب.

(١)... انظر: اللسان (مادة: غلل).
(٢)... معاني الزجاج (٣/١٣٩).
(٣)... في الأصل: أغلال. والتصويب من معاني الزجاج، الموضع السابق.
(١/٤٤٣)


الصفحة التالية
Icon