فتًى كالسحاب الجوْنِ يُخشى ويُرتجى... يُرجَّى الحيا منها وتُخشى الصَّواعق
قال ابن عباس وقتادة: خوفاً للمسافر وطمعاً للمقيم (١).
وقيل: "خوفاً" لمن يتأذى بالمطر؛ كالمسافر، ومن له بيت يكف، ومن آوى تمره أو زبيبه إلى جرينه (٢) ومن لا نفع له فيه، إذ ليس كل البقاع ولا في كل وقت تحتاج إليه وأمثال ذلك، فـ"طمعاً": يطمع فيه من له نفع.
والمعنى الأول الذي حكيته عن الزمخشري هو معنى ما رواه عطاء عن ابن عباس، وهو قول الحسن (٣).
﴿وينشئ السحاب الثقال﴾ قال الفراء (٤) : السحاب وإن كان لفظه واحداً فإنه جمع، واحدته: سحابة، جعل نعته على الجمع، كما قال: ﴿متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان﴾ [الرحمن: ٧٦]، ولم يقل: أخضرٍ ولا حسنٍ.
وقال الزمخشري (٥) : السحاب اسم الجنس، والواحد سحابة. والثقال: جمع ثقيلة؛ لأنك تقول: سَحابة ثقيلة، وسحاب ثقال، كما تقول: امرأة كريمة، ونساء كِرَام، وهي الثقال بالماء.
﴿ويسبح الرعد بحمده﴾ أي: ينزّه الله تعالى بالثناء عليه. وقد سبق ذكر الرعد في أوائل البقرة، وأنه صوت ملك يزْجُر السحاب.

(١)... أخرجه الطبري (١٣/١٢٣، ٢١/٣٢). وذكره السيوطي في الدر (٤/٦١٨) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢)... الجَرين: موضع التمر الذي يُجَفّف فيه، والجمع أجْرِنة وجُرُن (اللسان، مادة: جرن).
(٣)... زاد المسير (٤/٣١٣).
(٤)... معاني الفراء (٢/٦٠).
(٥)... الكشاف (٢/٤٨٨).
(١/٤٥٦)


الصفحة التالية
Icon