على المحذوف قوله: ﴿وجعلوا لله شركاء قل سموهم﴾ وانظروا بشرط تحكيم العقل وعزل الهوى: هل تصدق الأسماء عليهم أو تصح إضافة مدلولاتها إليهم.
﴿أم تنبئونه﴾ تخبرونه ﴿بما لا يعلم في الأرض﴾ فإنه لا يعلم لنفسه شريكاً ولا إلهاً في الأرض، وإذا لم يعلمه لم يكن شيئاً، لاستحالة موجود لا يتعلق به علم الله تعالى.
﴿أم بظاهر من القول﴾ أي: بل أتسمونهم شركاء بقول ظاهر لا باطن له ولا حقيقة، وإنما هو كلام فارغ لا معنى تحته، وهذا شبيه بقوله: ﴿ذلك قولهم بأفواههم﴾ [التوبة: ٣٠]، وقوله: ﴿ما تعبدون من دونه إلا أسماء﴾ [يوسف: ٤٠] وهذا من الاحتجاج البديع الذي يقرطس في إصابته، والكلام البليغ الذي يأنس به الأسماع مع غرابته.
﴿بل زين للذين كفروا مكرهم﴾ أي: دع ذكر ما كنا فيه، زُين للذين كفروا كيدهم للإسلام وأهله.
﴿وصدوا عن السبيل﴾ قرأ أهل الكوفة: "وصُدوا"، وفي المؤمن ﴿وصُدَّ عن السبيل﴾ [غافر: ٣٧] بضم الصاد فيهما، وقرأ الباقون بالفتح (١).
فمن ضَمَّ بنى الفعل على المفعول به، فإن فاعل الصد غواتهم وقادتهم، أو هو الله تعالى بالطبع على قلوبهم، أو هو الشيطان بالتزيين.
ومن فتح أسند الفعل إلى الفاعل، على معنى: منعوا الناس عن اتباع محمد - ﷺ -، واعتبره بنظائره في كتاب الله تعالى كقوله: ﴿الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله﴾
(١/٤٩١)