الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٣) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قوله تعالى: ﴿الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة﴾ مبتدأ، خبره: ﴿أولئك في ضلال بعيد﴾ (١).
ويجوز أن يكون في موضع الجر وصفاً للكافرين (٢).
ومعنى "يستحبون": يحبون ويؤثرون، يقال: أحَبَّ واستَحَبَّ، مثل: أجاب واستجاب، وأوقد واستوقد.
قال ابن عباس: يأخذون ما تعجل لهم منها تهاوناً بأمر الآخرة واستبعاداً لها، كقوله: ﴿إن هؤلاء يحبون العاجلة﴾ (٣) [الإنسان: ٢٧].
وما بعده سبق تفسيره إلى قوله: ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه﴾ أي: بلغتهم ﴿ليبين لهم﴾ فيفقهوا عنه ما بُعث به، فإذا ظهر واشتهر وقويت شوكته بهم بث دعاته يترجمون للأمم بألسنتهم.
وقد روي عن الضحاك: أن الضمير في "قومه" لمحمد - ﷺ -، وأن الكتب كلها نزلت بالعربية، ثم أداها كل نبي بلسان قومه. وليس هذا شيء، لأن قوله: {ليبين
(٢)... التبيان (٢/٦٦)، والدر المصون (٤/٢٥١).
(٣)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٢٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٤/٣٤٥).
(١/٥٠٧)