الله على أعدائهم.
وقيل: "استفتحوا": استحكموا لله تعالى وسألوه القضاء بينهم؛ كقوله: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ [الأعراف: ٨٩].
وقد ذكرنا فيما مضى أن أهل عُمَان يسمون القاضي فاتحاً وفتاحاً. وأنشدني بعض الفضلاء من أهل العربية:
خوفني اليمين فارتعت منها... عند باب الفتاح أيّ ارتياع
ثم أرسلتها كما انحدر السيل... تهادى من المكان اليَفَاع (١)
وقيل: الضمير في قوله: "واستفتحوا" يعود إلى الكفار، كقولهم: ﴿إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾ [الأنفال: ٣٢]، وقولهم: ﴿ربنا عجل لنا قطّنا﴾ [ص: ١٦] أي: نصيبنا من العذاب.
وقوله: ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ أي: خسر حظه من الآخرة.
وقد سبق معنى الجبار والعنيد في هود (٢).
قرأت على الشيخ أبي بكر بن مسعود، أخبركم عبد الأول فأقرّ به، أخبرنا عبدالرحمن، أبنا عبدالله، أبنا إبراهيم، ثنا عبد بن حميد، ثنا عبيد الله بن موسى، أبنا ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: ((يخرج عنقٌ من النار يوم القيامة فيقول: إني وُكلْتُ اليوم بكل جبار عنيد، [ومن] (٣) جعل مع الله إلهاً آخر. قال: فينطوي عليهم فيطرحهم في غمرات

(١)... اليَفَاع: ما ارتفع من الأرض (اللسان، مادة: يفع).
(٢)... ص: ١٧٧.
(٣)... في الأصل: من. والتصويب من مسند عبد بن حميد (١/٢٨٢).
(١/٥١٩)


الصفحة التالية
Icon