قال أبو الفتح ابن جني (١) : لا تقول: هَوِيت إلى فلان، ولكنك تقول: هويت فلاناً، [لأنه عليه السلام] (٢) حمله على المعنى، ألا ترى أن معنى هَويت الشيء: مِلْت إليه؟ فقال: "تهوي إليهم"؛ لأنه لاحظ [معنى] (٣) تميل إليهم. وهذا بابٌ من العربية ذو غَور. ومنه: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾ عدّاه بإِلى، وأَنْتَ لا تقول: رَفَثْتُ إلى المرأَة، إنما تقول: رَفَثْتُ بها [أو] (٤) معها، لكنه لما كان معنى الرَّفَث معنى الإفضاء، عدّاه بإِلى، [ملاحظة لمعنى] (٥) ما هو مثله.
وهذا الدعاء المتقبل أحد الأسباب الموجبة لحنين المؤمنين إلى مكة.
والسبب الثاني: كونها الوطن الأول، فإن الله تعالى حين استخرج ذرية آدم عليه السلام من ظهره وكلمهم فقال: "ألست بربكم"؟ كان ذلك بنَعْمَان، يعني: عرفة.
السبب الثالث: نَظَرُ الحقِّ عز وجل إلى البيت، فإنه ينظر إليه ليلة النصف من شعبان، فتحِنُّ القلوب إليه لاطلاع الحقِّ إليه.
قوله تعالى: ﴿وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون﴾ النعمة: وهي ما يرزقهم من أنواع الثمرات وهم بواد غير ذي ذرع ولا شجر، فأجاب الله تعالى دعوته؛ فجعله حراماً آمناً تجبى إليه ثمرات كل شيء.
(٢)... في الأصل: إلا أنه حمله. والمثبت من المحتسب (١/٣٦٤).
(٣)... في الأصل: أن. والمثبت من المحتسب، الموضع السابق.
(٤)... في الأصل: و. والتصويب من المحتسب، الموضع السابق.
(٥)... في الأصل: فلاحظه بمعنى. والتصويب من المحتسب، الموضع السابق.
(١/٥٥٥)