مسلمين} (١).
وقوله: ﴿لو كانوا مسلمين﴾ حكاية ودادتهم، وإنما جيء بها على لفظ الغيبة؛ لأنهم مخبر عنهم، كقولك: حلف بالله ليفعل، ولو قال: لأفعلن، أو كنا مسلمين؛ لكان حسناً.
قوله تعالى: ﴿ذرهم يأكلوا ويتمتعوا﴾ تلويح للرسول - ﷺ - بخذلانهم وانتظامهم في سلك من لا يجدي معهم تحذير ولا تخويف وتذكير، كأنه قيل: اقطع طمعك من ارعوائهم، ودعهم يأكلوا ويتمتعوا بدنياهم مدة حياتهم.
﴿ويلههم الأمل﴾ يشغلهم عن الاستعداد للمعاد، ﴿فسوف يعلمون﴾ سوء صنيعهم وما جَنَتْ عليهم غفلتهم، وهذا وعيد وتهديد شديد.
وقد ذكرنا مذهب أكثر المفسرين في هذا وأمثاله، وأنه عندهم منسوخ بآية السيف (٢).
والوجه الصحيح ما ذكرته أولاً. ومثله قوله تعالى: ﴿ذرني ومن خلقت وحيداً﴾ [المدثر: ١١]، فتفهم ذلك.
وما أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (٤) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ

(١) أخرجه الحاكم (٢/٣٨٤ ح٣٣٤٥) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والطبري (١٤/٣). وانظر: الوسيط (٣/٣٩).
(٢)... أعرض النحاس عن ذكر النسخ في هذه الآية. وذكره ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ (ص: ١١١)، وابن حزم (ص: ٤٢) ولم يستندوا كعادتهم إلى أي دليل نقلي أو عقلي. وردّ دعوى النسخ ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: ٣٧٩) بما ردّ به هنا، وهي أنها وعيد وتهديد.
(١/٥٨٣)


الصفحة التالية
Icon