تضرعوا إليّ صرفت وجهي عنهم.
قال كعب: فقال أرميا: برحمتك أصبحت أتكلم بين يديك، وهل ينبغي لي ذلك يا رب سبحانك وبحمدك، تباركت ربنا وتعاليت، إنك المهلك لهذه القرية وما حولها، وهي مساكن أنبيائك، ومنزل وحيك، يا رب سبحانك وبحمدك إنك أنت المخرب لهذا المسجد وما حوله من المساجد التي رُفِعَتْ لذكرك، يا رب وإنك لتعذب هذه الأمة وهم ولد إبراهيم خليلك، وأمة موسى نجيك، وقوم داود صفيك، يا رب أي القرى تأمن عقوبتك بعد أري شليم، وأي العباد يأمنون سطوتك بعد ولد خليلك إبراهيم وأمَّة نجيك موسى، تُسلّط عليهم عَبَدة النيران، فقال الله تعالى: يا أرميا، من عصاني لا يستنكر نقمتي، فإني إنما أكرمتُ هؤلاء على طاعتي، ولو أنهم عصوني لأنزلتهم دار العاصين، إلا أن تدركهم رحمتي.
فلما بلّغهم أرميا رسالة ربهم وسمعوا ما فيها من الوعيد عَصوه وكذبوه، وقالوا له: تزعم أن الله مُعطِّل أرضه ومساجده من كتابه وعبّاده وتوحيده، لقد أعظمتَ على الله الفرية، واعتراك الجنون، فأخذوه وقيدوه وسجنوه، فعند ذلك بعث الله تعالى عليهم بختنصّر (١).
قوله تعالى: ﴿وليدخلوا المسجد﴾ يعني: المسجد الأقصى بالبيت المقدس ﴿كما دخلوه أول مرة وليتبروا﴾ أي: ليهلكوا ويدمروا ﴿ما علوا﴾ عليه ﴿تتبيراً﴾ وقيل: المعنى: ليتبروا مدة علوهم، فـ"ما" مع الفعل بتأويل المصدر.
قوله تعالى: ﴿عسى ربكم أن يرحمكم﴾ يعني: بعد المرة الأخيرة، فرحمهم بعد

(١)... أخرجه الطبري (١٥/٣٦ وما بعدها).
(١/١٣٢)


الصفحة التالية
Icon