والبول كما كانا يميطانه عنك صغيراً (١).
﴿ولا تنهرهما﴾ لا تزجرهما رافعاً صوتك عليهما.
وروي: أن ابن عون دعته أمه فأجابها، فعلا صوته عليها، فأعتق رقبتين.
﴿وقل لهما قولاً كريماً﴾ ليناً لطيفاً.
قال سعيد بن المسيب: كما يقول العبد المذنب للسيد الفَظِّ (٢).
﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة﴾ خفضُ الجناح مجازٌ عن غاية السكون واللين، وإضافته إلى الذل كإضافة حاتم إلى الجود، على معنى: واخفض لهما جناحك الذليل خاشعاً خاضعاً لهما من رحمتك إياهما وعطفك عليهما.
أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد بإسناده عن حفصة (٣) قالت: كان محمد -يعني ابن سيرين- إذا دخل على أمه لم يكلمها بلسانه كله تخشعاً (٤) لها (٥).
وأخرج أيضاً بإسناده عن ابن عون قال: دخل رجل على محمد وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي [شيئاً] (٦) ؟ قالوا: لا، ولكنه هكذا يكون إذا كان عند

(١)... أخرجه الطبري (١٥/٦٤)، وابن أبي حاتم (٧/٢٣٢٣). وذكره السيوطي في الدر (٥/٢٥٨) وعزاه لابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر.
(٢)... أخرجه الطبري (١٥/٦٥)، وابن أبي حاتم (٧/٢٣٢٤). وذكره السيوطي في الدر (٥/٢٥٩) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... حفصة بنت سيرين، أخت محمد بن سيرين، أم الهذيل، الفقيهة الأنصارية. توفيت بعد المائة (سير أعلام النبلاء ٤/٥٠٧).
(٤)... في الزهد: تحشماً.
(٥)... أخرجه أحمد في الزهد (ص: ٣٧٢).
(٦)... زيادة من الزهد (ص: ٣٧٢).
(١/١٥٠)


الصفحة التالية
Icon