أحسن}. قال: ففيما جرى في هذه الآيات والأخبار [سيء] (١) وحسن، فسيئُّهُ أحسن من سيئة.
قلتُ: ومن العجب قول الزجاج: هذا غلط، وهي قراءة أهل الحجاز وأهل البصرة بناء على ما ذكره من التعليل، مع أنه يعلم وجه القراءة وصحة تعليلها، وأن الإشارة بقوله: كل ذلك كان سيئة إلى ما تقدم ذكره مما نهى الله عنه.
قال بعض نحاة أهل البصرة على القراءة الراجحة عند الزجاج: "كل ذلك" مبتدأ، أي: كل هذه الأشياء سيئُه مكروه، فـ"سيئه" ترتفع بـ"كان"، و"عند ربك" خبر، على تقدير: سيئه ثابتاً عند ربك مكروهاً، فيكون "مكروهاً" على هذا حالاً من الضمير في الظرف. وإن شئت كان [الظرف] (٢) حشواً، و"مكروهاً" هو الخبر، وهذا أحسن من الأول (٣).
ومن قرأ "سيئةً" بالتنوين ففي "كان" ضمير يعود إلى "كل"، "سيئة" خبره، و"مكروهاً" صفة لـ"سيئة"، ولم يقل مكروهة؛ لأن التأنيث غير حقيقي، وإن شئت كان على هذا "مكروهاً" خبراً آخر لـ"كان"، وذَكَّره لأن ضمير "كُلّ" مذكر، ويكون "عند ربك" من صلة "مكروهاً"، وإن شئت كان حشواً (٤).
ذلك مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩) أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ

(١)... في الأصل: شيء. والتصويب من الزجاج (٣/٢٤٠).
(٢)... في الأصل: الظف.
(٣)... الدر المصون (٤/٣٩١-٣٩٢).
(٤)... انظر: المصدر السابق.
(١/١٧١)


الصفحة التالية
Icon