والمراد بتسبيحها: دلالتها على الصانع الحكيم وتنزيهها بظهور أثر صنعته فيها، حتى كأنها تنطق بذلك.
وعلى هذا المعنى أيضاً [حملوا] (١) قوله: ﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده﴾، وهذا قول جمهور العلماء.
وغير ممتنع أن لها تسبيح ولا يتعقل معناه. ويحقق ذلك: أنه عَطَفَ عليها تسبيح مَنْ في السماء -وهم الملائكة- ومن في الأرض -وهم الثقلان-، فلو وقع التغاير لكان جامعاً بين النوعين بلفظ واحد، وذلك لا يجوز. وهذا هو الصحيح عندي.
قال إبراهيم النخعي: كُلُّ شيء يسبّح بحمده، حتى الثوب والطعام وصرير الباب (٢).
وقال عكرمة: الشجرة تُسَبِّح، والأسطوانة تُسَبِّح (٣).
وقال الحسن -وقُدِّمَ إليه خِوَان-: أيسبِّحُ هذا الخوان؟ فقال: قد كان مرة يسبح (٤). وقال: [لا] (٥) يُسبِّح.
وقال المقدام بن معدي كرب: إن الترابَ يُسبِّح ما لم يبتلّ، وإن الورقة لتسبح

(١)... في الأصل: حملوه.
(٢)... زاد المسير (٥/٣٩).
(٣)... أخرجه الطبري (١٥/٩٢). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٣٩) وفيه: والأسطوانة لا تسبح. وذكره السيوطي في الدر (٥/٢٩١) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٤)... أخرجه الطبري (١٥/٩٢). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٣٩).
(٥)... زيادة على الأصل. قال القرطبي تعليقاً على كلام الحسن هذا: يريد أن الشجرة في زمن ثمرها واعتدالها كانت تسبح، وأما الآن فقد صار خواناً مدهوناً (تفسير القرطبي ١٠/٢٦٦).
(١/١٧٥)


الصفحة التالية
Icon