أبو سفيان، والنضر بن الحارث، وأبو جهل، وأم جميل امرأة أبي لهب، فحَجَبَ الله تعالى رسوله - ﷺ - عن أبصارهم عند قراءة القرآن، فكانوا يمرُّون به فلا يرونه (١).
وقد أخرج الحاكم في صحيحه بإسناده عن أسماء قالت: ((لما نزلت: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ جاءت العوراء أم جميل ولها ولْولة، وفي يدها فِهْرٌ (٢)، وهي تقول: مُذَمّماً أبَيْنا، ودينه قَلَيْنا، وأمره عَصَيْنا، ورسول الله - ﷺ - جالس وأبو بكر إلى جنبه، فقال أبو بكر: لقد أقبلتْ هذه، وأنا أخاف أن تَراك، فقال: إنها لن تراني، وقرأ قرآناً اعتصم به: ﴿وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً﴾ قال: فجاءت حتى قامت على أبي بكر ولم تر النبي - ﷺ - فقالت: يا أبا بكر! بلغني أن صاحبك هجاني، قال: لا ورب هذه البُنية ما هجاك، فانصرفتْ وهي تقول: قد علمتْ قريش أني بنتُ سيدها)) (٣).
قلت: وأم جميل هي بنت حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أخت أبي سفيان، وزوجة أبي لهب، عم النبي - ﷺ -.
وقوله: ﴿مستوراً﴾ محجوباً عن العيون بالقدرة الإلهية فلا تراه.
وقال الأخفش (٤) : أراد ساتراً، وقد يكون الفاعل في لفظ المفعول، كما تقول: إنك لمشؤُوم وميمُون، وإنما هو شائِمٌ ويامِنٌ.

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/١١٠)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٤١).
(٢)... الفِهْر: الحَجَر مِلْء الكَفّ (اللسان، مادة: فهر).
(٣)... أخرجه الحاكم (٢/٣٩٣ ح٣٣٧٦).
(٤)... معاني الأخفش (ص: ٢٤٠).
(١/١٧٧)


الصفحة التالية
Icon