قوله تعالى: ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات﴾ سبب نزولها: أن أهل مكة قالوا: يا محمد اجعل لنا الصفا ذهباً، وسيِّر الجبال عنا، ونحن نؤمن بك، فأتاه جبريل فقال: إن شئتَ كان ما سأل قومك، ولكنهم إن لم يؤمنوا لم يُمْهَلُوا، وإن شئت استأنيت بهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات﴾ التي اقترحوها (١)، ﴿إلا أن كذب بها الأولون﴾ فاستأصلناهم بالعذاب، وهذه سُنّتنا في مقترحي الآيات على رسلنا إذا قابلوها بالجحد والعناد.
قال الزجاج (٢) :"أن" الأولى نصب، و"أن" الثانية رفع. المعنى: ما منعنا الإرسال إلا تكذيب الأولين.
﴿وآتينا ثمود الناقة مبصرة﴾ آية بينة واضحة [تبصرهم وتبين] (٣) لهم، ﴿فظلموا بها﴾ أي: فكفروا بها.
وقيل: ظَلَمُوا أنفسهم بتكذيبها.
وقال الأخفش (٤) : بها كان ظلمهم.
﴿وما نرسل بالآيات﴾ الموجبة للعِبَر والعِظات.
قال الحسن: هو الموت الذريع (٥).

(١)... أخرجه الطبري (١٥/١٠٨). وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٢٩٥-٢٩٦)، والحاكم (٢/٣٩٤)، وأحمد في المسند (١/٢٥٨)، والنسائي في الكبرى (٦/٣٨٠)، والضياء في الأحاديث المختارة (١٠/٧٨-٧٩) كلهم عن ابن عباس.
(٢)... معاني الزجاج (٣/٢٤٧).
(٣)... في الأصل: نبصرهم ونبين.
(٤)... معاني الأخفش (ص: ٢٤١).
(٥)... أخرجه الطبري (١٥/١٠٩)، وأحمد في الزهد (ص: ٣٢٨). وذكره السيوطي في الدر (٥/٣٠٨) وعزاه لسعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن جرير وابن المنذر.
(١/١٩١)


الصفحة التالية
Icon