والثاني: على الحال، المعنى: أنشأته في حال كونه من طين (١).
وقال الزمخشري (٢) :"طيناً" حال إما من الموصول، فالعامل فيه "أسجد"، على معنى أأسجد له وهو طين، أي: أصله طين، أو من الراجع إليه من الصلة على: أأسجد لمن كان في وقت خلقه طيناً.
﴿قال أرأيتك﴾ الكاف للخطاب، و ﴿هذا﴾ مفعول به، والمعنى: قال أخبرني عن هذا ﴿الذي كرمتـ﴾ ـه ﴿عَلَيَّ﴾ لم فعلت به هذا وأنا خير منه؟ فحذف اختصاراً لدلالة الكلام عليه.
ثم ابتدأ فقال: ﴿لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن﴾ أي: لأستأصلنّ ﴿ذريته﴾ بالإغواء، مِنْ قولهم: احتنكَ الجرادُ ما على الأرض؛ إذا جَرَدَهُ أكلاً، واحتنكَ فلان ما عند فلان من العلم؛ إذا استقصاه (٣).
﴿إلا قليلاً﴾ قال ابن عباس: هم أولياء الله الذين عَصَمَهُم (٤).
فإن قيل: من أين عَلِمَ إبليس أن ذلك [يتسهّل] (٥) له؟
قلتُ: إما أن يكون سمعه من الملائكة، أو أخذه من قولهم: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها﴾ [البقرة: ٣٠]، أو لكونه رأى الأب أجوف، فعرف أنه خلقٌ لا يتمالك، أو ظَنَّ ظناً فتحقق. قال الله: ﴿ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه﴾ [سبأ: ٢٠].

(١)... التبيان (٢/٩٣)، والدر المصون (٤/٤٠٣) وزاد فيه وجهاً ثالثاً: أنه منصوب على إسقاط الخافض، أي: من طين، كما صرح به في الآية الأخرى ﴿وخلقته من طين﴾.
(٢)... الكشاف (٢/٦٣٢-٦٣٣).
(٣)... انظر: اللسان (مادة: حنك).
(٤)... الوسيط (٣/١١٥)، وزاد المسير (٥/٥٧).
(٥)... في الأصل: ينفَعِل. والتصويب من الكشاف (٢/٦٣٣).
(١/١٩٨)


الصفحة التالية
Icon