تقديره: أنجوْتُم فأمنتم فحملكُم ذلك على الإعراض ﴿أن يخسف بكم جانب البر﴾ سمّاهُ جانباً؛ لأنه يصير بعد الخسف جانباً، أو لكونهم كانوا على ساحل البحر، فساحله جانب البر.
والمعنى: أفأمنتم بعد النجاة من البحر أن يخسف بكم جانب البر وأنتم عليه، فنغيّبكم في التراب، كما لو كنتم في البحر وأردنا [أن] (١) نغيبكم في الماء، فإنهما في القدرة سواء.
وفيه تنبيه على أنه يجب على العاقل أن لا يزال خائفاً من الله تعالى حيث كان.
﴿أو يرسل عليكم حاصباً﴾ وهي الريح التي تحصبُ، أي: ترمى بالحصباء، وهي الحصا الصِّغار. قال الفرزدق:
مُستقبلينَ شَمَالَ الريحِ تَضْرِبُهُم... بحاصِبٍ كَنَدِيفِ القطنِ منثور (٢)
وقال قتادة: الحاصِب: حجارة من السماء (٣).
﴿ثم لاتجدوا لكم وكيلاً﴾ مانعاً ولا صارفاً يصرفه عنكم.
﴿أم أمنتم أن يعيدكم فيه﴾ أي: في قلوبكم ونهيج به دواعيكم ﴿تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح﴾ وهي الريح الشديدة التي لا تَمُرُّ على شيء إلا قصَفَتْه.

(١)... زيادة على الأصل.
(٢)... البيت للفرزدق. وهو في: الدر المصون (٤/٤٠٧)، واللسان (مادة: زحف)، والطبري (١٥/١٢٤، ٢٠/١٥١)، والقرطبي (١٠/٢٩٢)، وزاد المسير (٥/٦١)، وروح المعاني (١٥/١١٦، ٢٧/٩٠).
(٣)... أخرجه الطبري (١٥/١٢٣)، وابن أبي حاتم (٧/٢٣٣٨). وذكره السيوطي في الدر (٥/٣١٤) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(١/٢٠٣)


الصفحة التالية
Icon