قوله تعالى: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها﴾ أخرجا في الصحيحين من حديث ابن عباس قال: ((أنزلت ورسول الله - ﷺ - مُتوارٍ بمكة، فكان إذا رفع صوته سمعه المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله عز وجل: ﴿ولا تجهر بصلاتك﴾ أي: بقراءتك حتى يسمعها المشركون ﴿ولا تخافت بها﴾ عن أصحابك فلا تسمعهم)) (١).
﴿وابتغ بين ذلك سبيلاً﴾ طريقاً عدلاً بين الجهر والإخفات.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((أنزل الله هذا في الدعاء: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها﴾ )) (٢).
التقدير: لا تجهر بقراءة صلاتك، على حذف المضاف، ولا تخافت بها، والمخافَتَة: الإخْفَاء، يقال: خَفَتَ صوته يخفِتُ خُفُوتاً؛ إذا ضعف، وصَوْتٌ خَفِيتٌ (٣).
وروى علي عليه السلام قال: ((كان أبو بكر رضي الله عنه يُخافِتُ إذا قرأ، وكان عمر رضي الله عنه يجهر بقراءته، وكان عماراً يأخذ من هذه السورة ومن هذه، فذُكر ذلك للنبي - ﷺ - فقال لأبي بكر: لم تُخافت؟ قال: أسمع من أناجي، وقال لعمر: لم تَجْهَر؟ فقال: أُفْزِعُ... (٤) [الشيطان وأُوقِظُ الوَسْنان (٥). وقال لعمار: لم

(١)... أخرجه البخاري (٤/١٧٤٩ ح٤٤٤٥)، ومسلم (١/٣٢٩ ح٤٤٦).
(٢)... أخرجه البخاري (٤/١٧٥٠ ح٤٤٤٦)، ومسلم (١/٣٢٩ ح٤٤٧).
(٣)... انظر: اللسان (مادة: خفت).
(٤)... بياض في مصورة الأصل قدر نصف لوحة، وهي تكملة تفسير سورة الإسراء. وقد أكملت الحديث من المسند.
(٥)... الوَسْنان: النائم الذي ليس بمستَغْرِقٍ في نومه (اللسان، مادة: وسن).
(١/٢٣٦)


الصفحة التالية
Icon