المناقضة والاختلال، وكونه في أعلا مراتب البلاغة.
﴿قيّماً﴾ مستقيماً عدلاً (١).
وقيل: قيماً على سائر الكتب، مصدّقاً لها، شاهداً بصحتها.
وقيل: قيماً بمصالح العباد.
وقيل: قيماً في نفسه بالحجة والإعجاز.
قال أكثر العلماء باللغة والتفسير: في هذه الآية تقديم وتأخير، التقدير أنزل على عبده الكتاب قيماً، ولم يجعل له عوجاً (٢).
فعلى هذا، هو نصب على الحال من "الكتاب" (٣).
قال صاحب الكشاف (٤) : الأحسن أن ينتصب [بمضمر] (٥) ولا يجعل حالاً من "الكتاب"؛ لأن قوله: ﴿ولم يجعل﴾ معطوف على "أنزل"، فهو داخل في حيز الصلة، فجاعلُه حالاً من "الكتاب" فاصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة، وتقديره: ولم يجعل له عوجاً جعله قيماً؛ لأنه إذا نفى عنه العِوَج فقد أثبت له

(١)... نقل الرازي (٢١/٦٤) تفسير ﴿قيماً﴾ بـ "مستقيماً" عن ابن عباس وقال: وهذا عندي مشكل؛ لأنه لا معنى لنفي الاعوجاج إلا حصول الاستقامة، فتفسير القيم بالمستقيم يوجب التكرار وأنه باطل، وأن المراد من كونه (قيماً) أنه سبب لهداية الخلق، وأنه يجري مجرى من يكون قيماً للأطفال، فالأرواح البشرية كالأطفال، والقرآن كالقيم الشفيق القائم بمصالحهم.
(٢)... أخرجه الطبري (١٥/١٩٠)، وابن أبي حاتم (٧/٢٣٤٤). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/١٠٣)، والسيوطي في الدر (٥/٣٥٩) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣)... التبيان (٢/٩٨)، والدر المصون (٤/٤٣٠).
(٤)... الكشاف (٢/٦٥٧).
(٥)... في الأصل: بمظمر. والتصويب من ب.
(١/٢٤١)


الصفحة التالية
Icon