ويجوز عندي: أن يكون ذلك أمراً له بالتلطُّف في تحصيل الأحلّ؛ زيادة في الورع وتحرُّزاً من الشبهة بأبلغ الطرق (١).
وقال الزمخشري (٢) : المعنى: ليتكلَّف اللطف والنِّيقة فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يُغبن. وهذا تعجرف في التأويل وبعيد من تلك الأخلاق الزاكية الجميلة.
قوله تعالى: ﴿ولا يشعرن بكم أحداً﴾ قال ابن عباس: لا يخبرن بكم ولا بمكانكم أحداً من أهل المدينة (٣).
﴿إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم﴾ أي: إن يشرفوا عليكم يقتلوكم بالرجم، ﴿أو يعيدوكم في ملتهم﴾ بالإكراه ﴿ولن تفلحوا إذاً أبداً﴾ إن دخلتم في دينهم.
وكذلك أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَن وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا
قوله تعالى: ﴿وكذلك﴾ أي: وكما أنمْنَاهُم وبعثناهم ﴿أعثرنا عليهم﴾ أطلعنا عليهم الملك الصالح تَنْدوسيس وأهل مدينته دُقْسوس، وكانوا على ملَّته، ﴿ليعلموا﴾ يعني: أهل المدينة ﴿أن وعد الله﴾ تعالى ببعث الأرواح والأجساد وجزاء الصالح والطالح ﴿حق﴾ أمر ثابت، ﴿وأن الساعة﴾ التي هي مجمع ذلك ﴿لا ريب فيها﴾.
(٢)... الكشاف (٢/٦٦٤).
(٣)... الوسيط (٣/١٤١)، وزاد المسير (٥/١٢٢).
(١/٢٦٢)