المسلمين، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها- جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك، فأنزل الله عز وجل: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم -حتى بلغ قوله-: إنا أعتدنا للظالمين ناراً﴾ يتهددهم بالنار، فقام النبي - ﷺ - يلتمسهم، حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا ومعكم الممات)) (١).
﴿ولا تَعْدُ عيناك عنهم﴾ أي: لا تنصرف عيناك عنهم لرثاثة هيئتهم وزيّهم، ﴿تريد زينة الحيوة الدنيا﴾ في محل الحال (٢). أي: مُريداً مُجالسة ذوي الشارة والنباهة من أشراف العرب.
﴿ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا﴾ أي: جعلنا قلبه غافلاً عن القرآن والإسلام.
وقرأ أبو مجلز: "أغْفَلَنا" بفتح اللام "قَلْبُه" بالرفع (٣)، على إسناد الفعل إليه. على معنى: لا تُطِعْ من حبسنا قلبه غافلين، حيث أمهلناه ولم يدْر أن ذلك استدراج منا له، وهو مِنْ أغفلته؛ إذا وجدته غافلاً (٤).

(١)... أخرجه الطبري (١٥/٢٣٦)، والبيهقي في شعب الإيمان (٧/٣٣٦)، وأبو نعيم في الحلية (١/٣٤٥). وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٢٠١). وذكره السيوطي في الدر (٥/٣٨٠) وعزاه لابن مردويه وأبي نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان.
(٢)... الدر المصون (٤/٤٤٩).
(٣) زاد المسير (٥/١٣٣).
(٤)... انظر: اللسان (مادة: غفل).
(١/٢٧٤)


الصفحة التالية
Icon