ثم رجع إلى نفسه فقال: ﴿إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً﴾ وقرأ ابن أبي عبلة: "أنا أقلُّ" بالرفع (١)، فمن نصب جعله مفعولاً ثانياً لـ"ترن"، و"أنا" عماد. ومن رفع جعل "أنا" مبتدأ، و"أقل" خبره. والجملة مفعول ثان لـ"ترني".
قوله تعالى: ﴿فعسى﴾ الفاء جواب قوله: "إن ترن"، والمعنى: فعسى ﴿ربي أن يؤتيني خيراً من جنتك﴾ يريد: في الآخرة ﴿ويرسل عليها﴾ (٢) أي: على جنتك ﴿حسباناً من السماء﴾.
قال النضر بن شميل: الحُسْبان: سهام يرمي بها الرجل في جوف قصبة، تنزع في القوس، ثم يرمي بعشرين منها دفعة واحدة (٣).
والمعنى على هذا: يرمي ويرسل عليها مرامي من عذابه، إما حجارة، وإما برداً، وإما ناراً، إلى غير ذلك من أنواع العذاب، وهذا يجمع أقوال المفسرين.
قال ابن عباس: "حسباناً": ناراً من السماء (٤).
وقال في رواية أخرى: عذاباً (٥).
وقال ابن زيد: قضاء يقضيه الله من السماء (٦).
قال الزجاج (٧) : هذا موضع فيه لُطف يحتاج إلى شرح، وهو أن الحسبان في
(٢)... في الأصل زيادة قوله: ﴿حسباناً﴾ وستأتي بعد.
(٣)... الوسيط (٣/١٤٩)، وزاد المسير (٥/١٤٥).
(٤)... زاد المسير (٥/١٤٥). وذكره السيوطي في الدر (٥/٣٩٤) وعزاه للطستي.
(٥)... أخرجه الطبري (١٥/٢٤٩). وذكره السيوطي في الدر (٥/٣٩٤) وعزاه لابن جرير.
(٦)... أخرجه الطبري (١٥/٢٤٩). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/١٤٥).
(٧)... معاني الزجاج (٣/٢٨٩).
(١/٢٩٠)