كغلامي وداري، فاتَّصلت الياء بنون "لَدُن" فَكَسَرَتْها.
قال ابن عباس: يريد أنك قد أعذرت فيما بيني وبينك، وقد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبراً (١).
فإن قيل: كيف أنكر موسى على الخضر، مع علمه أن مثله لا يأتي منكراً من الفعل والقول، ويحققه أنه معصوم من ذلك، ومعرفته أن الله تعالى أرسله إليه ليُعلّمه مما علّمه، ولذلك قال له موسى: ﴿هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً﴾ ؟
قلت: لم يكن موسى عليه السلام في مِرْيَةٍ من أمر الخضر عليه السلام وأنه معصومٌ مُعلّم من جهة الله تعالى، مخصوصٌ بنوعٍ من العلم أوجب رحلته إليه، لكنه رأى أمراً منكراً في ظاهر الشرع، وفعلاً يوجب نفور الطبع، فانتهض باعث الشرع وداعي الطبع حاملَيْن لموسى على إنكار ما شاهده، عملاً بظاهر الشرع الذي بعثه الله تعالى به، مستفهماً عن وجه الحكمة والعلم المغيب المودع في غضون هذا الفعل، الصادر من (٢) هذا المؤيد بالعلم اللَّدُنّي، فجمع بين المصلحتين وعَمِل بكلا الدليلين.
فانطلقا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا
(٢)... في ب: عن.
(١/٣٣٣)