لما خامرها من خوف الفضيحة بسبب ولادتها وليست بذات بَعْل؟
قلت: لم تقع التسلية بالسّري والرُّطب من حيث إنهما طعام وشراب، لكن من حيث إنهما آيتان عظيمتان شاهدتان لها بالعصمة والبراءة مما عساه يُتخيّل في حقها؛ من مقارفة الريبة. فإن من أجرى الله لها نهراً يبساً وأثمر لها جذعاً نخراً لا يبعد في حقها الولد من غير فحل.
قوله تعالى: ﴿وهزّي إليك بجذع النخلة﴾ الباء في "بجذع" زائدة مؤكدة (١).
قال الفراء (٢) : العرب تقول: هزَّه وهزّ به، ومنه: ﴿فليَمْدُد بسبب﴾ [الحج: ١٥]، معناه: فليمدد سبباً.
﴿تَسَّاقَط﴾ قرأ حفص بضم التاء وكسر القاف مخففاً، وفتحها الباقون، وكلهم شدّد السين إلا حمزة وحفصاً (٣).
وقرأتُ لجماعة؛ منهم: يعقوب، والمفضل، والعليمي، ونصير: بالياء وفتحها وتشديد السين وفتح القاف (٤). فمن شَدَّدَ فالأصل تتساقط أو يتساقط، على القراءة الشاذة، فأدغم التاء في السين. ومن خَفَّفَ طرح التاء التي أدغمها غيره.
و ﴿رُطباً﴾ مفعول؛ على قراءة حفص، وتمييز؛ على قراءة غيره (٥).

(١)... الدر المصون (٤/٤٩٩).
(٢)... معاني الفراء (٢/١٦٥).
(٣)... الحجة للفارسي (٣/١١٩)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٤٤٢-٤٤٣)، والكشف (٢/٨٧)، والنشر في القراءات العشر (٢/٣١٨)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٩٨)، والسبعة في القراءات (ص: ٤٠٩).
(٤)... إتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٩٨-٢٩٩)، والنشر (٢/٣١٨).
(٥)... التبيان (٢/١١٣)، والدر المصون (٤/٥٠١).
(١/٤١٠)


الصفحة التالية
Icon