أخرج حتى يكون الله تعالى يخرجني، فبعث الله تعالى إليه مَلَكاً يحكم بينهما، فقال: ما تقول يا ملك الموت؟ فقصّ عليه ما جرى. فقال: ما تقول يا إدريس؟ قال: إن الله تعالى قال: ﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ [آل عمران: ١٨٥] وقد ذقته، وقال: ﴿وإن منكم إلا واردها﴾ [مريم: ٧١] وقد وردتها، وقال لأهل الجنة: ﴿وما هم منها بمخرجين﴾ [الحجر: ٤٨] فوالله لا أخرج حتى يكون الله عز وجل يخرجني، فسمع هاتفاً من فوقه يقول: بإذني دخل وبأمري فعل، فخلّ سبيله)) (١).
فإن قيل: من أين لإدريس هذه الآيات وهي في القرآن؟ فقد ذكر ابن الأنباري عن بعض العلماء قال (٢) : كان الله تعالى قد علّم إدريس ما ذكر في القرآن من وجوب الورود وامتناع الخروج من الجنة وغير ذلك، فقال ما قاله بعلم.
أولاءك الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيم َوإسرائيل وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا
قوله تعالى: ﴿أولئك﴾ إشارة إلى الذين تقدم ذكرهم من الأنبياء من لدن زكرياء إلى إدريس عليهم السلام ﴿الذين أنعم الله عليهم من النبيين﴾. قال الزمخشري (٣) : و"من" في ﴿من النبيين﴾ [للبيان] (٤) مثل ما في قوله: {وعد الله

(١)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٤١-٢٤٢).
(٢)... انظر: زاد المسير (٥/٢٤٢).
(٣)... الكشاف (٣/٢٦).
(٤)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(١/٤٣٣)


الصفحة التالية
Icon