يذكر" على "يقول"، فتوسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وبين حرف (١) العطف.
يعني: أيقول ذلك (٢) ولا يذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى، فإن تلك أعجب وأغرب وأدلّ على قدرة الخالق، حيث أخرج الجواهر والأعراض من العدم إلى الوجود، ثم أوقع التأليف مشحوناً بضروب الحكم التي تَحَار الفطن فيها، من غير حذو على مثال واقتداء بمؤلف، ولكن اختراعاً وإبداعاً من عند قادر جَلَّت قدرته ودَقَّت حكمته.
وأما الثانية فقد تقدَّمت نظيرتها فعادت لها كالمثال المحتذى عليه، وليس فيها إلا تأليف الأجزاء الموجودة [الباقية] (٣) وتركيبها، وردّها إلى ما كانت عليه مجموعةً بعد التفكيك والتفريق.
وقوله: ﴿ولم يَكُ شيئاً﴾ دليل على هذا المعنى، وكذلك قوله: ﴿وهو أهون عليه﴾ [الروم: ٢٧]، على أن رب العزة سواء عليه النشأتان، لا يتفاوت في قدرته الصعب والسهل، ولا يحتاج إلى احتذاء [على] (٤) مثال، ولكن يواجه جاحد البعث بذلك دفعاً لمعاندته، وكشفاً عن صفحة جهله.
قوله تعالى: ﴿فوربك﴾ أقسم سبحانه وتعالى باسمه مُفَخَّماً رسوله - ﷺ - بإضافته إليه، ﴿لنحشرنهم والشياطين﴾ أي: نجمع الكفرة مع شياطينهم، وذاك أن كل

(١)... في ب: عليه وحرف.
(٢)... في ب: ذاك.
(٣)... زيادة من الكشاف (٣/٣٤).
(٤)... مثل السابق.
(١/٤٤٧)


الصفحة التالية
Icon