وقد رواه هارون فيما حدثنا به أنه قُرئ: "أيَّهُم" بالنصب بالفعل، ولكن الذين رفعوه بنوه على الضم؛ لأن "أيّهم" هاهنا بمعنى: الذي، ويقتضي عائداً يعود إليها من صلتها، والتقدير: أيهم هو أشد، فحذف هو، فوجب بناء "أيهم" عنده لما حذف من صلته العائد؛ لأن الصلة توضح الموصول وتُبيّنه، كما أن حذف المضاف إليه في: ﴿من قبل ومن بعد﴾ [الروم: ٤] وابدأ بهذا أول يوجب بناء المضاف لما كان المضاف إليه مخصصاً ومُبيناً للمضاف ومُعرِّفاً له.
[والعُتيُّ] (١) : المتمرد في العصيان، وهو مصدر عَتَا يَعْتُو عُتُوّاً وعُتِيّاً (٢).
﴿ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صِلِيّاً﴾ يقال: صَلَى النار يَصْلاها صَلْياً؛ إذا قاسَى حَرَّها (٣).
ومعنى الكلام: أن الأولى بها صِلِيّاً الذين هم أشد على الرحمن عِتِيّاً.
إنو مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا اذثب
ثم التفت فقال: ﴿وإن منكم﴾ أي: وما منكم أيها المؤمنون والكافرون من أحد ﴿إلا واردها﴾ أي: داخل النار. هذا قول الأكثرين.
ويروى عن ابن عباس: أن الخطاب للكفار (٤).

(١)... في الأصل: والمعنى. والتصويب من ب.
(٢)... انظر: اللسان، (مادة: عتا).
(٣)... انظر: اللسان (مادة: صلا).
(٤)... أخرجه الطبري (١٦/١١٠). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٥٤).
(١/٤٥٠)


الصفحة التالية
Icon